هل مقولة "التدخين يساعد في تخفيف حالات التوتر والعصبية" صحيحة؟
اليكم 3 ادلة علمية
الصيدلي: مصطفى صالح مصطفى
12/25/20241 min read


هل التدخين يخفف التوتر فعلًا؟ الحقيقة وراء المقولة الشائعة
كثيرًا ما نسمع من المدخنين عبارة: "التدخين يخفف من التوتر ويهدئ الأعصاب"، بل إن بعضهم يعتبر السيجارة وسيلته الوحيدة للهروب من ضغط العمل أو المشاكل اليومية. لكن، هل هذه القناعة صحيحة فعلًا؟ وهل التدخين وسيلة فعالة للسيطرة على القلق والتوتر؟
في الواقع، العلم يقول عكس ذلك تمامًا.
رغم أن التدخين قد يمنح شعورًا مؤقتًا بالراحة، إلا أن الأدلة العلمية تشير إلى أن التدخين لا يخفف التوتر، بل على العكس، قد يكون سببًا في زيادته على المدى الطويل. في هذا المقال، نكشف الحقيقة العلمية وراء هذه المقولة، ونوضح كيف يخدعنا النيكوتين بآثاره السريعة والمؤقتة، بينما يضر بصحتنا النفسية والجسدية على المدى البعيد.
1. التدخين يزيد التوتر لا يُخففه
من الملاحظ أن كثيرًا من المدخنين يلجؤون إلى السيجارة في لحظات التوتر والقلق، معتقدين أنها تساعدهم على الاسترخاء. هذا التأثير اللحظي قد يكون حقيقيًا من حيث الإحساس، لكنه مضلل من الناحية البيولوجية.
تشير دراسات حديثة إلى أن المدخنين يعانون بالفعل من مستويات توتر وقلق أعلى مقارنة بغير المدخنين. فعلى الرغم من أن تدخين السيجارة يمنح شعورًا مؤقتًا بالراحة، إلا أن هذا الشعور سرعان ما يزول، ويليه ارتفاع في التوتر من جديد.
والسبب؟
تأثير النيكوتين، وهو المادة الرئيسية في السجائر، التي تعمل على تحفيز الجهاز العصبي، مما يؤدي في البداية إلى الإحساس بالهدوء، لكن بعد أن يزول تأثيرها، يشعر الجسم بحاجة أكبر للنيكوتين، ومع انخفاض مستواه، يزداد القلق والتوتر. وهكذا يدخل المدخن في حلقة مفرغة، كلما شعر بالتوتر عاد للتدخين، وكلما دخن زاد اعتماده على النيكوتين، وكلما قلّ النيكوتين في جسمه، زادت مشاعر القلق والتوتر مجددًا.
2. النيكوتين يخلق الاعتماد العصبي ويُفاقم القلق
لفهم ما يحدث داخل جسم المدخن، علينا أن نعرف أن النيكوتين هو مادة تسبب الإدمان بشكل كبير. بمجرد دخول النيكوتين إلى الدماغ، يبدأ في تحفيز إفراز الدوبامين، وهو أحد الهرمونات المسؤولة عن الشعور بالسعادة. هذا ما يفسر سبب الشعور اللحظي بالراحة بعد تدخين السيجارة.
لكن بعد فترة قصيرة، ينخفض مستوى النيكوتين في الجسم، ويبدأ المدخن في الشعور بأعراض انسحابية، تشمل العصبية، القلق، صعوبة في التركيز، وتوتر نفسي وجسدي. هذه الأعراض ليست نتيجة لمشكلة حقيقية، بل هي أعراض انسحاب النيكوتين نفسه.
بمعنى آخر، الراحة التي يشعر بها المدخن بعد إشعال سيجارته ليست راحة حقيقية من التوتر، بل هي تخفيف لأعراض الانسحاب التي سبّبها النيكوتين في المقام الأول.
وهكذا، يصبح التدخين محاولة مستمرة لكبح أعراض الإدمان، وليس وسيلة فعالة للتعامل مع الضغوط النفسية.
3. الإقلاع عن التدخين يُحسن الصحة النفسية
ربما تكون المفاجأة لكثير من المدخنين هي أن الامتناع عن التدخين لا يؤدي فقط إلى تحسين الصحة الجسدية، بل أيضًا إلى تحسن كبير في الصحة النفسية.
تشير عدة دراسات علمية إلى أن الأشخاص الذين أقلعوا عن التدخين شعروا بعد فترة وجيزة بـ:
# انخفاض ملحوظ في مستويات التوتر والقلق
# تحسن الحالة المزاجية بشكل عام
# تراجع أعراض الاكتئاب
#ارتفاع جودة النوم والتركيز
# زيادة الشعور بالراحة النفسية والثقة بالنفس
وتُرجع الأبحاث هذه النتائج إلى توقف التقلبات الحادة في مستوى النيكوتين، مما يؤدي إلى استقرار الحالة النفسية والذهنية لدى الشخص. كما أن التخلص من الاعتماد على مادة مسببة للإدمان يمنح الشخص إحساسًا بالتحكم والقدرة على اتخاذ قرارات صحية لحياته.
ومن اللافت أن هذه التحسينات النفسية تبدأ بالظهور بعد أسابيع قليلة من الإقلاع، وتستمر في التحسن مع مرور الوقت.
التدخين والضغوط النفسية: وهم التهدئة
إذا كنت تعاني من التوتر أو الضغوط اليومية، فاعلم أن التدخين ليس هو الحل، بل هو مجرد وسيلة تؤدي إلى تفاقم المشكلة. الشعور بالراحة بعد التدخين هو في الحقيقة استجابة لحاجة الجسم إلى جرعة جديدة من النيكوتين، وليس استجابة لحل فعلي لمصدر القلق أو التوتر.
لهذا السبب، فإن أفضل ما يمكنك فعله لنفسك هو البدء في رحلة الإقلاع عن التدخين، واتباع بدائل صحية فعالة في التعامل مع التوتر، مثل:
* ممارسة الرياضة بانتظام
* التأمل وتمارين التنفس العميق
* تناول غذاء صحي ومتوازن
* التحدث إلى مختص نفسي أو مستشار
* الحصول على قسط كافٍ من النوم
* الانخراط في أنشطة اجتماعية مفيدة
خلاصة القول
إن الاعتقاد السائد بأن التدخين يساعد على تقليل التوتر والقلق هو معلومة مغلوطة وغير دقيقة علميًا. وعلى العكس، التدخين يُفاقم من التوتر النفسي والجسدي على المدى الطويل، ويجعل الشخص أسيرًا لمادة النيكوتين التي تُسبب الاعتماد والإدمان.
أما الإقلاع عن التدخين، فهو خطوة إيجابية تحرر الجسد والعقل من هذه الدائرة المغلقة، وتُعزز من الصحة النفسية بشكل واضح ومدروس.
إذا كنت تفكر بالإقلاع عن التدخين أو كنت تبحث عن بدائل صحية، لا تتردد في طلب الدعم من الصيدلي أو الطبيب، فالدعم المهني يجعل هذه الخطوة أسهل وأكثر فعالية.
هل لديك تجربة شخصية مع الإقلاع عن التدخين؟ أو ترغب في طرح سؤال عن العلاقة بين التدخين والتوتر؟ شاركنا في التعليقات، فنحن هنا لنستمع إليك وندعمك!
Tools